الاثنين، 21 نوفمبر 2011

إنما الأعمال بالنيات ،


ـ الحديث : 

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : 

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، 

وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، 

ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . رواه البخاري ومسلم 

الشرح: 

أهمية هذا الحديث في الإسلام : 

ـ هذا الحديث أصل عظيم في أعمال القلوب ، لأن النيات من أعمال القلوب. 

ـ قال العلماء : وهذا الحديث نصف العبادات 

، لأنه ميزان الأعمال الباطنة ، وحديث عائشة رضي الله عنها 

" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ـ الذي سيأتي بإذن الله ـ ، نصف الدين 

، لأنه ميزان الأعمال الظاهرة . 

ـ يدخل هذا الحديث في كل أبواب الفقه : العبادات والمعاملات . (1) 

* فوائد هذا الحديث : 

ـ فوائد في قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " (2) : 

أنه ما من عمل إلا وله نية ، 

لأن الإنسان العاقل ـ غير المجنون ـ المختار ـ غير المكره ـ لا يمكن أن يعمل عملا إلا بنية . 

ويتفرع عن هذه الفائدة : 

إرشاد الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات إلى التخفيف على أنفسهم وترك وساوس الشيطان 

، لأنه لا عمل إلا بنية . 

ـ فوائد من قوله عليه الصلاة والسلام 

" فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ... " إلى آخر الحديث: 

أن الإنسان يؤجر أو يؤزر ـ من الوزر أي الإثم والعقاب ـ بحسب نيته . 

أن الأعمال بحسب ما تكون وسيلة له ، 

فقد يكون الشيء المباح في أصله طاعة إذا نوى به الإنسان خيرا . 

مثال : أن ينوي بالأكل والشرب التقوي على طاعة الله . 

وقد يكون هذا الشيء المباح في أصله حراما إذا نوى به صاحبه سوءا وشرا . 

مثال : السفر فهو مباح في أصله ، وقد يكون حراما إذا كان وسيلة إلى حرام كزنى ونحوه. 

ينبغي للمعلم والمتعلم أن يضرب الأمثال التي يتبين بها الحكم . 

وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للقاعدة العامة التي قعدها وذكرها ـ وهي إنما الأعمال بالنيات ... 

ـ مثلا بالهجرة ـ وهي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ـ 

، وبين عليه السلام أن الهجرة مع كونها عملا واحدا ، تكون لإنسان أجرا وتكون لآخر وزرا وحرمانا . 

وكلام العلماء حول هذا الحديث عجيب يبين مدى أهميته ولزوم فهم المسلم له. 

قال الإمام ابن دقيق في شرحه : 

" هذا حديث متفق على صحته وعظيم موقعه وجلالته ، وكثرة فوائده ... 

وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها مدار الإسلام . 

قال الإمام الشافعي وأحمد : يدخل في حديث إنما الأعمال بالنيات ثلث العلم . 

وسبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه ، والنية أحد الأقسام الثلاثة . 

وروي عن الشافعي أنه قال : يدخل هذا الحديث في سبعين بابا من أبواب الفقه . 

وقال جماعة من العلماء : هذا الحديث ثلث الإسلام ." انتهى كلام الإمام ابن دقيق. 

قال الإمام النووي في شرحه : 

" دل هذا الحديث على أن النية معيار لتصحيح الأعمال 

، فحيث صلحت النية صلح العمل وحيث فسدت فسد العمل." 

وقد صدق هذا الإمام رحمه الله فالنية مهمة في العمل 

، وكما قال عبد الله بن المبارك : رب عمل عظيم تحقره النية ، ورب عمل حقير تعظمه النية . 

صدق هذا الإمام الجليل رحمه الله فالأجر والثواب من الله على قدر نية العبد. 

والأمر الخطير في هذا الموضوع أيضا أن العبادات تنقلب إلى عادات إن تجرد ت من النية . 

فلا بد أن ننتبه إلى هذا الأمر ، والذي يساعد على ذلك هو معرفة مراتب النية. 

فمراتب النية ثلاثة : 

الأولى : تمييز المقصود بالعمل . 

ومقصود المسلم والمؤمن الصادق بعمله هو الله جل جلاله وحده لا شريك له. 

وتسمى هذه المرتبة عند العلماء بالإخلاص. 

الثانية : تمييز العبادة عن العادة. 

فلا نجعل العبادة عادة . 

مثال : هناك فرق بين من ينوي باغتساله التقرب إلى الله ، 

وآخر ينوي به الاستجمام والراحة ونحو ذلك. 

فالأول في حقه عبادة والثاني في حقه عادة. 

الثالثة : تمييز مراتب العبادة . 

فالصلاة مثلا هي مراتب : 

فمنها الفريضة ومنها النافلة ،فلا بد إذا إردت أن تصلي من تعيين وتحديد مرتبتها هل هي نافلة أم فريضة ، 

وكل ذلك في قلبك ، ولا تتلفظ بالنية لأن ذلك بدعة وليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق